المثال الأول للرد على شبهة التركيب عند المرجئة
ومن أوضح الأمور: القرآن، فهو يطلق على الآية، وكذلك على السورة، والمصحف كله قرآن، فإذا أمرنا الله تعالى بقوله: (( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ))[النحل:98]، فالمقصود إذا أردت قراءة آية أو سورة أو نحو ذلك، ولا يشترط قراءة القرآن كله، وكذلك قوله: (( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا ))[الأعراف:204]، فليس بمعنى: إذا قرئ كله من أوله إلى آخره، ولكن أي قرآن يسمع، وقوله: (( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ))[الأحقاف:29]، فلا ريب أنهم لم يتمكنوا من سماع القرآن كله، وإنما المقدار الذي سمعوه هو القرآن وهكذا، والأحاديث في هذا كثيرة، ومن ذلك: أسباب النزول، فإذا قيل: أنزل الله في ذلك قرآناً، فالمقصود أنه ما أنزل القرآن الكريم كله، وإنما يكون قد أنزل -مثلاً- آية أو آيتين كما في أول سورة المجادلة، أو أنزل بضع آيات، أو بضع عشرة آية كما في سورة النور في حادثة الإفك، أو آيات الحجاب أو ما أشبه ذلك، وهذا كثير جداً، أي: إطلاق القرآن على القليل منه والكثير، فإذا أخذت آية من القرآن أو سورة أو جزءاً، فإن الباقي يسمى قرآناً ولا يزول الاسم.